بعد تصويت البرلمان على إلغاء اتفاقية 1968.. وزير أول فرنسي سابق مزداد في المغرب يتصدر السياسيين الداعين لوقف "موجة العداء" ضد الجزائر
في خضم الجدل المتصاعد داخل الساحة الفرنسية عقب مصادقة الجمعية الوطنية على مقترح قرار يهدف إلى إلغاء اتفاقية 1968 الخاصة بتنظيم الهجرة بين فرنسا والجزائر، ارتفعت أصوات عدد من الشخصيات السياسية المعروفة مطالبة بالتهدئة والحوار، ومنددة بما وصفته “موجة عدائية” تستهدف الجزائر والجزائريين.
ومن بين هذه الأصوات، برز أساسا دومينيك دو فيلبان، المنتمي إلى يمين الوسط الفرنسي، والوزير الأول الأسبق الذي كان أيضا وزيرا للخارجية وللداخلية في زمن الرئيس الراحل جاك شيراك، وهو مزداد في المغرب، وتحديدا العاصمة الرباط سنة 1953.
وإلى جانبه برزت السياسية الاشتراكية سيغولان روايال، المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية، إذ اعتبر الاثنان اعتبرا أن الخطوة الأخيرة تمثل تراجعا عن مسار التقارب بين باريس والجزائر، وتغذيةً لخطاب الكراهية الذي يضع العلاقات الثنائية في مهب الريح.
دومينيك دو فيلبان اختار مخاطبة الرأي العام من خلال مقابلة مع قناة BFMTV، حيث وصف قرار البرلمان بأنه "تصرف قاسٍ وغير مبرر"، مشيرا إلى أنه يهدد بنسف ما تحقق مؤخراً من إشارات إيجابية بين البلدين، كحضور السفير الفرنسي مراسم إحياء ذكرى مظاهرات 1961، وتبادل الرسائل بين وزيري الداخلية في باريس والجزائر.
وقال دو فيلبان إن هذه الخطوة "تقطع الخيوط التي بدأنا بإعادة نسجها"، داعياً إلى تغليب صوت العقل واستئناف الحوار لتجاوز "الآثار الإنسانية المؤلمة التي خلفتها الإيديولوجيا".
ولم يُخف رئيس الوزراء الأسبق قلقه من الانعكاسات الاجتماعية للقرار، لافتا إلى أن عائلات كثيرة باتت مهددة بالانفصال، كما دعا إلى معالجة الملفات الإنسانية والثقافية العالقة بين البلدين، ذاكرا بالاسم الكاتب بوعلام صنصال والصحفي كريستوف غليز، اللذين قال إنه "يجب أن يُسمح لهما بالعودة"، مشددا على أن العلاقات بين باريس والجزائر "لا ينبغي أن تُختزل في الحسابات السياسية الضيقة أو المواقف الانفعالية".
وفي منشور على منصة "إكس"، ردّت روايال على المعطيات التي يروّجها اليمين المتطرف بشأن كلفة اتفاق 1968، والتي يُقدّرها بنحو ملياري يورو سنويا مؤكدة أن هذا الطرح “مبني على مغالطات متعمدة تتجاهل الدور الحيوي الذي يؤديه العمال الجزائريون في الاقتصاد الفرنسي”.
وأضافت بنبرة حادة أن أنصار ما يُعرف بـ "الجزائر الفرنسية" يعيشون مفارقة فاضحة، مشيرة إلى أن استمرار تلك المرحلة الاستعمارية كان سيجعل الجزائريين مواطنين فرنسيين يتمتعون بالحقوق ذاتها.
ويأتي هذا الجدل في أعقاب نجاح حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، الأسبوع الماضي، في تمرير مقترح رمزي داخل البرلمان يدعو إلى إلغاء اتفاقيات 1968 التي تنظّم دخول الجزائريين إلى فرنسا وإقامتهم فيها.
وتمنح هذه الاتفاقيات، الموقعة قبل أكثر من نصف قرن، امتيازات خاصة للمواطنين الجزائريين في ما يتعلق بتصاريح الإقامة، واستقدام أفراد العائلة، وحقوق العمل، وهو ما يعتبره اليمين المتطرف "تمييزاً غير مبرر"، فيما يرى المدافعون عنها أنها جزء من تاريخ مشترك ومسؤولية أخلاقية لا يمكن التملص منها.





تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :